
في مثل هذا اليوم من سنة 1888، شهدت تونس حدثًا ثقافيًا مفصليًا بافتتاح المتحف الوطني بباردو، أحد أعرق وأهم المؤسسات المتحفية في العالم العربي والإفريقي. فقد تم تدشينه رسميًا يوم 7 ماي بحضور علي باي وعدد من الشخصيات الفرنسية،
بعد ست سنوات من أشغال ترميم قصر باردو وتحويله إلى فضاء مخصص لعرض المجموعات الأثرية والتاريخية التي تروي عمق وثراء الحضارة التونسية. تعود جذور المشروع إلى سنة 1881، تاريخ بداية الحماية الفرنسية على تونس، حيث بادرت الإدارة الفرنسية بأعمال ترميم واسعة لقصر باردو، امتدت من سنة 1885 إلى 1888. وجاء المرسوم الصادر في 25 مارس 1885 ليُعلن تحويل قصر الحريم التابع لمحمد باي إلى “المتحف العلوي”، مكرسًا نهجًا جديدًا في حفظ التراث وإبرازه، نهج أسسه الوزير الإصلاحي خير الدين باشا منذ سنة 1876.
المتحف احتضن في بداياته مجموعات أثرية سبق عرضها مؤقتًا في فضاءات معدّة خصيصًا بقصبة تونس، قبل أن تُنقل إلى مقرّها الجديد بباردو، حيث تأسس أيضًا قسم خاص بالحرف التقليدية التونسية، إبرازًا لمهارات الحرفيين المحليين وقيمة الصناعات التراثية. وقد استُكملت هذه الجهود بتنظيم عمل المتحف ضمن “إدارة الأثريات والفنون التونسية”، التي أُحدثت بموجب مرسوم صادر عن الباي بتاريخ 7 نوفمبر 1882، لتُشرف على هذا المشروع الوطني الطموح. وفي سنة الاستقلال 1956،
تحوّل “المتحف العلوي” رسميًا إلى “المتحف الوطني بباردو”، وتمّ تصنيفه معلمًا تاريخيًا في سبتمبر 1985. اليوم، يُعدّ متحف باردو أحد أبرز المعالم الثقافية في تونس والعالم، بفضل مجموعته الفريدة التي تضم أكبر عدد من لوحات الفسيفساء الرومانية في العالم، إلى جانب مقتنيات نادرة تعود إلى مختلف العصور التي عرفتها البلاد، من ما قبل التاريخ إلى الحقبة الإسلامية.
نهاد بن نجيمة